إحاطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون إلى مجلس الأمن
26 أبريل/ نيسان 2022
(ترجمة غير رسمية)
السيدة الرئيسة، (السفيرة باربرا وودورد – المملكة المتحدة)
1 – الصراع في سوريا صراعٌ محتدم وليس مجمّداً. فقد شهدنا من جديد تزايداً في الضربات الجوية في الشمال الغربي، وتكثيفاً للاشتباكات حول عفرين وفي الشمال الشرقي، وسط استمرار تبادل الهجمات الصاروخية والقصف على جميع خطوط التماس والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة وحوادث أمنية أخرى.
2 – لا يزال الصراع أيضاً يُشكّل تهديداً من الدرجة الأولى للسلم والأمن الدوليين. بغض النظر عن وضعها القانوني، فإن تواجد خمس جيوش أجنبية تعمل على جوانب مختلفة من الصراع السوري أمر يدعو للقلق، وكذلك فإن الحوادث المتكررة التي تُشارك فيها الأطراف الدولية وتلك التي تقع فيما بينها هي أمور مقلقة. على سبيل المثال، فقد شهد الشهر الحالي من جديد:
– ضربات في سوريا نسبت لإسرائيل.
– هجمات بطائرات مسيرة عن بعد في الشمال الشرقي نُسبت لتركيا.
– ضربات جوية على إدلب ومنطقة غرب نهر الفرات نُسبت لروسيا.
– تقارير حول هجمات بالصواريخ على القوات الأمريكية في دير الزور.
وأخشى من أن تتفاقم أي من نقاط التوتر هذه بسبب التوترات الجيوسياسية المتصاعدة خارج سوريا.
3 – لا يزال الإرهاب يشكل خطراً كبيراً في سوريا، حيث ما زالت مجموعتان على الأقل مصنفتان كإرهابيتين تنفذ عمليات أو تحتل أراضٍ. ومن المقلق أيضاً أن هجمات داعش تتصاعد مرة أخرى بعد هدوء نسبي خلال شهر فبراير/ شباط.
4 – كما سمعتم الأن من ممثلة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، لا تزال سوريا أحد أكبر الأزمات الإنسانية في عصرنا. يجب أن يولّد هذا الأمر لدينا شعوراً بالفزع إزاء ما يعنيه ذلك بالفزع سواءً بالنسبة للسوريين أنفسهم، الذين ما زالوا يُقتلون من جراء العنف، والذين وصلت درجة معاناتهم الإنسانية إلى ذروتها منذ بدء الصراع، والذي تشرد الآلاف منهم داخل وخارج البلد. كما يجب أن نقلق بشدة أيضاً حيال ما سينتج عن هذا الحجم من المعاناة من تأثيرات على النسيج الأجتماعي السوري وعلى الأستقرار في سوريا والأستقرار الإقليمي، إذا لم يكن هناك مخرجاً سياسياً من هذا الصراع.
السيدة الرئيسة،
5 – لذلك، فإن رسالتي اليوم بسيطة وهي: دعونا نُركّز على سوريا. فالجمود الاستراتيجي السائد حالياً على الأرض، وغياب سوريا عن عناوين الأخبار الرئيسية، لا يجب أن يُفسّر من قبل أي شخص على أن الصراع يحتاج إلى اهتمام أقل أو موارد أقل، أو أن الحل السياسي لم يعد مُلحاً. فصراعاً على هذا النطاق يتطلب حلاً سياسياً شاملاً وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254.
السيدة الرئيسة،
6 – المسار الدستوري يُمكن أن يُساهم في مثل هذا الحل لكن لكي يحدث ذلك يجب لهذا المسار أن يساعد في بناء الثقة. لقد اختتمت الدورة السابعة للجنة الدستورية السورية أعمالها في 25 مارس/ آذار. وكانت الجلسة ما زالت منعقدة عندما قدمت إحاطتي الأخيرة – آنذاك، كان أعضاء اللجنة قد أمضوا أربعة أيام في مناقشة مسودات النصوص الدستورية التي قدّمتها الوفود حول أربعة مبادئ دستورية أساسية.
7 – وكان من المنتظر أن تُقدّم الوفود، في اليوم الخامس والأخير، تعديلات على النصوص التي طرحوها لتعكس مضمون تلك النقاشات لكي يتاح لأعضاء اللجنة بعد ذلك مناقشة هذه التعديلات. يمكنني إحاطتكم بأن الوفود قدمت على الأقل بعض التعديلات على بعض النصوص المقدمة. بعض هذه التعديلات تضمنت تغييرات كانت بمثابة محاولة لعكس مضمون المناقشات وتضييق الخالفات. إلا أن البعض الآخر لم يتضمن أي تعديلات.
8 – عقب ذلك، قامت نائبة المبعوث الخاص السيدة خولة مطر بزيارة دمشق واسطنبول لإجراء المزيد من المشاورات مع الرئيسين المشتركين. وقد قمت اليوم بتوجيه الدعوات لحضور الدورة الثامنة التي ستعقد خلال الفترة من 28 مايو/ أيار إلى 3 يونيو/ حزيران هنا في جنيف. من خلال الدعوة، قمت بالتأكيد على نفس المنهجية، بما في ذلك أنه من المنتظر من الوفود أن تقدم تعديلات على النصوص في اليوم الخامس لتعكس مضمون النقاشات. وأؤكد على ضرورة أن تلتزم الوفود بهذا الأمر. كما أناشد الرئيسين المشتركين ووفودهم ووفد الثلث الأوسط أن يقدموا أي عناوين جديدة إلى مكتبي في أقرب وقت ممكن قبل الجلسة القادمة، وبذل جهد بحسن نية لتحديد العناوين – وإعداد النصوص للمناقشة خلال الجلسة وتعديلات عليها في اليوم الخامس – تُركز على الأمور التي يمكن أن يتفق عليها معظم السوريين. إن التحلي بهذه الروح سوف يعكس التزاماً جدياً بما نصت عليه المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية للجنة التي وافقت عليها كل من الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية المعارضة، بأن عمل اللجنة يجب أن يحكمه حس من التوافق والانخراط البنّاء بغية التوصل إلى اتفاق عام بين أعضائها. السيدة الرئيسة، فقط من خلال هذه النية للتعامل بإيجابية يمكن لعمل اللجنة أن يمضي قدماً.
9 – لقد تحدثت عن معاناة الشعب السوري، وعلى الصعيد الإنساني، فإنني أحث جميع الأطراف المعنية على توسيع نطاق المساعدة الإنسانية عبر الخطوط وعبر الحدود، وتعزيز الجهود المبذولة من أجل دفع جهود التعافي المبكر لتعزيز القدرة على الصمود بما يتماشى مع القرار 2585 والمساعدة بسخاء في توفير الموارد اللازمة للعمل الإنساني.
10 – لكن، السيدة الرئيسة، ينبغي أن يتجاوز عملنا مجرد التصدي للمعاناة. فالعديد من الأمور التي يُعاني منها السوريون هي في جوهرها ذات طبيعة سياسية. وتتطلب خطوات صعبة من قبل الأطراف السياسية الفاعلة، بما في ذلك من خلال التفاوض والتوصل إلى توافقات. كما تتطلب في نهاية المقام تطبيقاً لكافة عناصر قرار مجلس الأمن 2254.
11 – لا يزال عشرات الآلاف من السوريين محتجزين، أو مخطوفين، أو مفقودين، وتُشكّل محنتهم عاملاً أساسياً في معاناة السوريين. وكما ذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشل باشليه أمام الجمعية العامة هذا الشهر، فإن التأثير على أهالي المعتقلين من النساء والأطفال يكون أكثر شدة. وكما يتم تذكيرنا دوماً، فإنه بدون تحقيق تقدّم في هذا الملف، لن يتمكن العديد من السوريين حتى من البدء في التفكير في طي الصفحة والمضي قدماً. إن غياب التقدم في هذه القضية أمر محبط خاصة وأن جميع الأطراف تقول إنها متفقة على الحاجة إلى العمل، وأن جميعها ستستفيد من إحراز أي تقدم في هذا الملف. على الرغم من ذلك، فإننا لا نرى أي إجراء أو أي تقدم. ما نحتاجه هو خطوات صغيرة ولكن ملموسة في هذا الملف يُمكن أن تُساعد في بناء الثقة اللازمة لإحراز خطوات أكبر.
السيدة الرئيسة،
12 – تُشكّل أزمة النزوح التي أشرت إليها سابقاً بعداً آخر من أبعاد المعاناة. ففي الوقت الذي ترتفع فيه بشكل مأسوي معدلات النزوح الناتج عن الحرب في أوكرانيا، فإن سوريا لا تزال مصدراً لأكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يوجد 9.6 مليون لاجئ و2.6 مليون نازح – أي ما يعادل نصف عدد السكان قبل الحرب، جيل كامل ولد ونشأ تحت النزوح. على الرغم من ذلك، وحتى في ظل تدهور الظروف المعيشية في العديد من أماكن النزوح واللجوء، فإننا لا نرى مؤشرات كبيرة على العودة، بل أن بعض البيانات المتوافرة تُشير إلى تراجع معدلات العودة. ويتعين علينا أن نبدأ في التصدي للمخاوف والشواغل التي عبّر عنها اللاجئون والنازحون السوريون والتي تحول دون عودتهم. سيتطلب هذا الأمر خطوات ملموسة من الأطراف الفاعلة السورية والدولية في مجموعة متنوعة من المجالات المختلفة، بما في ذلك القضايا المتأصلة في القرار 2254.
13 – لا يزال السوريون في جميع أنحاء البلاد يواجهون أزمة اقتصادية مُدمّرة بعد أكثر من عقد من الحرب، والصراع، والفساد، وسوء الأدارة، بالإضافة إلى تبعات الانهيار المالي في لبنان، وجائحة كوفيد، والعقوبات، يضاف إلى ذلك تأثير الحرب في أوكرانيا وتبعاتها الأقتصادية. يشير برنامج الأغذية العالمي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بين عامي 2019 و2021 بنسبة مذهلة بلغت 800 في المائة. وقد أُجبر السوريون على ترشيد استهالكهم لمنتجات الطاقة أو على الاختيار بين شراء الطعام أو الوقود أو الدواء. ولن تؤدي هذه الأزمة الاقتصادية سوى إلى تأجيج أزمة النزوح والأزمة الإنسانية، مع ما يترتب على ذلك من آثار جانبية على الاستقرار في المنطقة وما ورائها. يمكننا دائماً القيام بالمزيد للتخفيف من الآثار السلبية لهذه الأزمة من خلال المساعدة الإنسانية ويجب أن نستمر في القيام بذلك. لكن هناك أيضا خطوات أخرى يمكن اتخاذها لمعالجة مختلف الإجراءات والتفاعلات الداخلية والخارجية المتسببة في هذه الأزمة.
14 – أعتقد في مجالات مثل هذه، وربما في مجالات أخرى أيضاً، ينبغي أن يكون ممكناً تحديد إجراءات ملموسة، ومتبادلة، وقابلة للتحقق منها، ويمكن اتخاذها بالتوازي، من شأنها أن تبدأ في تغيير ديناميكيات الصراع وخلق بيئة أكثر أمناً وحيادية، ومن خلال هذا المسار يمكن استكشاف كيفية بناء عملية سياسية أوسع لمعالجة كافة القضايا الواردة في قرار مجلس الأمن 2254.
السيدة الرئيسة،
15 – يجب أن يظل تركيزنا منصباً على تحقيق حل سياسي شامل للصراع، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 يحترم سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ويمكن الشعب السوري من تحقيق تطلعاته المشروعة.
شكراً