تصريح الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية قبيل الدورة الثامنة لاجتماعات اللجنة

جنيف – الأحد ۲۹ أيار/ مايو ۲۰۲۲ – الساعة العاشرة صباحاً بتوقيت دمشق

تنطلق غداً الاثنين أعمال الدورة الثامنة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية، إن الاستمرار في تعطيل أعمال اللجنة وإعاقتها عن إنجاز مهمتها هو إمعان بإطالة أمد معاناة كل السوريين، وتهرب من تحقيق العدالة واستمرار لتآكل اقتصادنا المتهالك، وتعميق للهوة بين أبناء الشعب الواحد، وتكريس لوطننا المجزء.

نعي تماماً حجم المهمة التي أُلقيت على عاتقنا، ونُدرك أننا نعمل من أجل حاضر ومستقبل شعبنا ووطننا، نحمل أمانة في أعناقنا حمَّلها لنا السوريون المنكوبون، ونَعِدُ أن نبذُل كل ما في وسعنا من جهد وقدرة وطاقات من أجل تحقيق تطلعات شعبنا إلى الحرية والعدالة والمساوة والديمقراطية، بكل السبل المشروعة، إن العملية الدستورية واحدة من السلال ضمن مسار الحل السياسي الذي يستند إلى تطبيق كامل وصارم للقرار ٢٢٥٤ (٢٠١٥) وإن التقدم في أعمال اللجنة الدستورية هو الدليل الأساس على مستوى التزام الأطراف كافة بالتوصل إلى الحل السياسي المنشود، مما يقتضي أن يتم وضع جدول زمني محدد لإنجاز مهمة اللجنة وفق ولاياتها، وأكرر تأكيدي على مطالبتنا للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى سوريا بضرورة بذل كامل جهودهم للتوصل إلى ذلك الجدول الزمني الذي طالبنا به رسمياً، كما طالبنا بتفعيل العملية التفاوضية لباقي سلال القرار ٢٢٥٤ (٢٠١٥) تزامناً مع عمل اللجنة الدستورية عبر عدة خطابات واجتماعات منذ العام ٢٠٢٠ وإلى يومنا هذا.

عملنا منذ انتهاء الدورة السابعة على التواصل مع السوريين في الداخل والخارج، وعقدنا ورشات عمل مع الخبراء الدستوريين السوريين، وقمنا بالعديد من اللقاءات التشاورية، مع السياسيين وممثلي المجتمع المدني والمنظمات النسائية والشبابية والحقوقية، واطلعناهم على مجريات اجتماعات الدورة السابعة للجنة، واستعرضنا مواطن الخلل والمعوقات والصعوبات، وسمعنا العديد من الآراء والهواجس، كما تواصلنا مع مكتب المبعوث الأممي السيد غير أ. بيدرسن للتأكيد على ضرورة إستكمال منهجية العمل لتكون ناجعة بشكل كامل، وقمنا عبر هيئة التفاوض بالاجتماع مع ممثلي الدول المعنية بالقضية السورية، عربياً وإقليمياً ودولياً، لتفعيل دورهم لدفع العملية السياسية قدماً، وتحمل مسؤولياتهم تجاه تحقيق العدالة وتشكيل محكمة دولية خاصة لمساءلة ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية، وضرورة إخضاع ملف المعتقلين والمغيبين قسرياً لآلية دولية تضمن وتوثق عمليات إطلاق سراحهم بشكل منظم يحترم كرامتهم الإنسانية ومعرفة مصير المغيبين بشكل فاعل وسريع، وأكّدنا أنه لا حل قابل للاستدامة دون تحقيق العدالة، وعودة النازحين واللاجئين الطوعية والآمنة والكريمة إلى مواطنهم الأصلية، وجددنا تمسكنا بالحل السياسي كحل وحيد قابل للحياة للقضية السورية عبر تطبيق كامل بنود القرار الأممي ٢٢٥٤ (٢٠١٥) بصرامة كاملة غير منقوصة.

خلال عملنا واجتماعاتنا، نلتزم بأقصى درجات الشفافية، مع الالتزام باللوائح والأنظمة الداخلية الموثقة أممياً، والضابطة لعمل اللجنة الدستورية، ونرحب دائماً وفي كل مرحلة بالمبادرات والمقترحات والملاحظات البنّاءة التي من شأنها أن تُساهم في إنجاز عملنا ومهمتنا، وتطوير رؤيتنا التي عملنا عليها مع خبراء ومختصين دستوريين سوريين وسوريات لسنوات، كما نعمل بشكل وثيق مع مرجعياتنا السياسية لتفعيل كامل عناصر العملية السياسية، ونُطلع أبناء شعبنا بكل صدق وشفافية أيضاً، على نتائج المهمة التي نقوم بها.

سنستمر في بذل جهودنا خلال هذه الدورة الثامنة لاجتماعات اللجنة الدستورية مع الأمم المتحدة كميسّر لأعمال اللجنة، كي تلتزم الأطراف كافة باللوائح والآليات ومنهجية العمل، فقد آن الأوان لأن ينخرط الجميع بشكل جدّي ومسؤول لإنجاز وصياغة مشروع الدستور الجديد، والمضي قدماً وبسرعة في بقية مسارات الحل السياسي للقضية السورية عبر التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ (٢٠١٥).

نؤكد من جديد أن هدفنا الوحيد هو تحقيق تطلعات شعبنا التي ثار من أجلها، وثوابتنا لم ولن تتغير مهما كانت الظروف والضغوط، ثوابت دولة الدستور الحضاري الذي يليق بالسوريين بمكوناتهم وأطيافهم كافة وتاريخهم وأصالتهم، الدستور الذي يضمن حقوق الجميع دون تمييز على أي أساس كان، ويضمن عدم تكرار المآساة التي عاشها شعبنا، نريد لشعبنا أن يكون صاحب جميع السلطات ومصدرها كما نريد الفصل بين السلطات بما يعزز ضمان استقلالية ونزاهة السلطة القضائية، وسلطة تشريعية لا تتجاوز الدستور في تشريعها، وتكون حارسة وضامنة لإنفاذه وعدم تجاوزه، وسلطة تنفيذة تخضع للدستور وتُمارس مهامها ملتزمة به لخدمة الشعب، دستور يُحدد مهام الجيش والأجهزة الأمنية ويضمن حياديتها، ويُبعدها عن العمل السياسي، ليكون للسوريين دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية، دولة التداول السلمي على السلطة، دولة القانون والعدالة والحرية، دولة اللا فساد واللا استبداد. جميع السوريين بشرائحهم وانتماءاتهم ومكوناتهم كافة هم شركاء لنا، نعمل معهم ومن أجلهم، نحمل الراية نيابة عن شعب حر كريم، شعب قدّم تضحيات هائلة لتصبح رايته خفّاقة في دولة القانون والعدالة والكرامة والحرية والديمقراطية، وهذا ما سيكون قريباً مهما جارت الأيام.

 الرئيس المشترك للجنة الدستورية

المهندس هادي البحرة

 جنيف ۲۹ أيار/ مايو ۲۰۲۲

(*) يمكن تحميل التصريح كملف بصيغة “PDF” بالضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى